تفسير القانون.
المقصود بتفسير القانون:
هو تحديد مضمون القاعدة القانونية وبيان معناها الصحيح حتى يمكن تطبيقها على المواضيع التي تنظمها هذه القاعدة. والتفسير يقتصر على القواعد المكتوبة كالنصوص القانونية والنصوص التشريعية الإسلامية. أما قواعد العرف ومبادئ القانون الطبيعي والعدالة فلا يطبق عليها التفسير.
أنواع التفسير.
التفسير التشريعي:
حيث إذا اتضح للمشرع غموض في قانون ما والمحاكم تقضي بخلاف المعنى الذي قصده، فهنا يتدخل المشرع لبيان المعنى المقصود وذلك عن طريق انزال تشريع جديد يفسر التشريع الاصلي ويزيل الغموض ويحد به الخلاف.
التفسير القضائي:
هو تفسير الذي يصدر عن القضاء. إن مهمة القضاة تقتصر على تطبيق القانون لكن قد تعرض على القاضي قضية ويكون هناك غموض يعتري على النص القانوني وهو لا يعرف هل هو الواجب التطبيق ام لا،في هذه الحاله لابد للقاضي ان يفسر حتى يتضح المعنى.
التفسير الفقهي:
وهو تفسير الذي يقدمه الفقهاء في مؤلفاتهم وأبحاثهم من خلال دراسة وشرح وتعليقات على القواعد القانونية. بهدف توضيح معناها، فهو مجهود علمي يقوم به الباحثين في مجال القانون.
طرق التفسير.
الطرق الداخلية لتفسير النصوص القانونية:
- التفسير اللفظي: هو اعتماد الألفاظ والمعاني اللغوية والاصطلاحية في النص القانوني للتعبير عن قصد المشرع.
- الاستنتاج عن طريق القياس: هو إعطاء واقعة غير منصوص عليها في القانون نفس الحكم الواقعة الاخرى التي ورد في شأنها نص قانوني، بحكم تشابه العلة والسبب بين الواقعتين.
- الاستنتاج من باب أولى: أي تطبيق نص قانوني وارد في حالة معينة على حالة أخرى، لم يرد في حكمها نص قانوني لأن سبب وعلة الحكم الواردة في الحالة الأولى متوفران في الحالة الثانية فهو يشبه الاستنتاج عن طريق القياس ولكن العلة وسبب الحكم في الحالة الثانية أكبر من الحالة الأولى.
- الاستنتاج بمفهوم المخالفة: وهو إعطاء حالة غير منصوص عليها في القانون عكس الحكم الذي أعطي للحالة المنصوص عليها. مثال أن ينص القانون على الحصول على ترخيص إداري لمزاولة نشاط معين بمفهوم المخالفة فإن غياب الترخيص يؤدي الى ابطال مزاولة النشاط.
الطرق الخارجية لتفسير النصوص القانونية:
- حكمة التشريع: هي الأهداف والغايات التي يرمي إليها المشرع من وضع نص قانوني.
- الأعمال التحضيرية: وهي المذكرات والتقارير التي تسبق صدور القانون، حيث تعد وترفق بمشروع القانون وكذلك محاضر و جلسات البرلمان التي تتم فيها مناقشة النص القانون. في الرجوع الى تلك الوثائق يمكن القاضي من الوقوف على القصد الحقيقي للمشرع ومن ثم معرفة معاني النصوص.
- المصادر التاريخية للقانون: هي المصادر التي يستمد منها القانون أحكامه، كالرجوع إلى القانون الأجنبي حيث ياخذ منه المشرع ما يحتاجه من اجل صياغة القانون و يقتبس منه النص الوطني مقتضياته كالقانون الروماني والفرنسي والشريعة الإسلامية.
نطاق تطبيق القاعدة القانونية:
تطبيق القاعدة القانونية من حيث الاشخاص المخاطبين بها: (مبدأ لا يعذر أحد بجهله للقانون.)
مضمون هذا المبدأ: لا يمكن التهرب من أحكام القاعدة القانونية بدعوى الجهل بها، من البديهي ان لا يعلم الناس كل قواعد القانونية الموجودة لكن وضع هذا المبدأ من أجل ضمان احترام القانون وتطبيقه وإلا فلن يطبق إلا على فئة قليلة ممن تعلم القاعدة القانونية.
- تمييز الجهل للقاعدة القانونية عن الغلط فيها: الغلط في القانون هو وهم يتولد في ذهن الشخص فيجعله يتصور أمرا على غير حقيقته ويجوز لمن وقع في الغلط أن يطلب إبطال العقد. اما الجهل بالقانون فهو أن يسعى الشخص إلى التملص من تطبيق القانون عليه بدعوى الجهل وعليه فلا يمكن ان يعذر أحد بجهله للقانون.
- الاستثناء الذي يرد على مبدأ (لا يعذر أحد بجهله للقانون): يرد الاستثناء الوحيد على هذا المبدأ عندما تحول قوة قاهرة لكوارث طبيعية أو الحرب من وصول الجريدة الرسمية إلى منطقة معينة في الدولة بسبب انقطاع الاتصال بذلك الجزء من الوطن وبالتالي التشريع يكون غير قابل للتطبيق على تلك المنطقة المعزولة. لكن من الناحية الواقعية فهذا الإستثناء نادر الوقوع نظرا لتطور وسائل الاتصال والتواصل في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها المجال الإعلامي.
تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان:
مبدأ إقليمية القوانين: (الإقليم البري، الجوي والبحري):
وهو مبدأ ينص على تطبيق القانون على جميع الأشخاص المتواجدين داخل إقليم الدولة سواء كانوا مواطنين أم أجانب فان القاعدة القانونية تطبق عليهم، كما أن القانون للدولة المعينة لا يسري على اقليم دولة اخرى لانها بكل بساطه خاضعة لقانونها و على إقليمها فقط.
مبدأ شخصية القوانين:
ينص هذا المبدأ على أن قانون الدولة يطبق على جميع مواطنيها الذين يحملون جنسيتها سواء كانوا داخل إقليم الدولة أو خارجه كما انه لا يطبق على الأجانب الموجودين داخل إقليم الدولة.
تطبيق القاعدة القانونية من حيث الزمان:
إلغاء القاعدة القانونية:
يقصد بإلغاء القاعدة القانونية وضع حد لنفاذها وذلك بإزالة الصفة القانونية عنها وتجريدها من قوتها الإلزامية.
أنواع الإلغاء:
- الإلغاء الصريح: عندما تلغي قاعدة قانونية جديدة قاعدة أخرى صراحة بواسطة نص قانوني.
- إلغاء ضمني: هو عندما تتعارض أحكام القاعدة الجديدة مع أحكام القاعدة القانونية القديمة.
السلطة التي تملك حق الإلغاء:
يمكن للسلطة التي أنشئت القاعدة القانونية في الاول ان تقوم بإلغائها كما يمكن أن تتدخل سلطة أعلى منها لتلغي تلك القاعدة القانونية مثل عندما تلغي القاعدة الدستورية قاعدة تشريعية عادية او فرعية لأن الدستور اعلى منهم من حيث التراتبية في القوانين.
تنازع القوانين في الزمان:
مبدأ عدم رجعية القانون الجديد:
هو انه عندما يصدر قانون جديد فإنه يطبق على الأحداث التي ستقع في المستقبل ولا يطبق على الأحداث التي وقعت قبل صدوره، لكن هناك استثناءات على هذا المبدأ وهي (القوانين المفسرة أو المصلحة، القانون الجنائي الاصلح للمتهم، القواعد القانونية الشكلية أو المسطرية).
مبدأ الأثر الفوري أو المباشر:
يقصد به أن القانون الجديد يسري على الوقائع والمراكز القانونية اللاحقة لنفاذ ولو كانت مترتبة على أوضاع او وقائع نشأت في ظل القانون القديم.