تطور مسار العلاقات الدولية.
مقدمة:
بسبب توزع القوة و التأثير الاقتصادي والقضايا البارزة والظروف الكامنة كلها أسباب أدت إلى تغيير السياسة الدولية وكذلك الإطار المرجعي الذي يفهم الناس من خلاله الأحداث العالمية تغير هو الآخر.
فقد انتقلنا في عصرنا الحالي من مجتمع بشري الذي كان يعيش حياته الجماعية مجزأة إلى حياة جماعية موحدة لا تتجزأ بسبب انتشار الحضارة العالمية وذات نفوذ أكبر بكثير من حضارة روما التي كانت تعتبر أكثر انتشارا وتوسعا من كل الحضارات العالمية السابقة. فأن أبعد نقطة على وجه الأرض تشعر بسلطة التأثير والسيطرة في عصرنا الحالي.
المقاربة التاریخیة لمفھوم العلاقات الدولیة:
لقد كانت العلاقات الدولية منذ زمن بعيد متمثلة في مفهوم القوة والحروب كوسائل تعتمدها الجماعات البشرية منذ قيام المدينة مثل المدن الفينيقية و المصرية و اليونانية لفرض رغباتها على المجتمعات الضعيفة، دامت النزاعات والصراعات تحل بالحروب وبالقوة وفرض السيطرة حتى ظهرت بعض الاستثناءات التي تهدف الى استعمال وسائل أخرى أقل ضررا والمتمثلة في المفاوضات لتنظيم العلاقات نحو السلام بطرق بدائية وذلك حتى منتصف القرن 17.
وللتخفيف من حدة هذه الصراعات التجأ الإنسان إلى ما يسمى بالدبلوماسية والتي تتمثل في فن الإقناع دون استعمال القوة للحفاظ على السلام، فبعد الحرب العالمية الأولى طلب المجتمع الدولي بإنشاء ما يسمى ب القانون الدولي والذي تجسد في عصبة الأمم كمنظمة دولية هدفها العمل على استقرار السلم والأمن الدوليين لكن ظهرت انقسامات في المواقف بين من يريد من هذه المنظمة أن تتمتع بالقوة والقدرة على المراقبة وإجبار الدول الخارقة لقوانين وبين من يريدها أن تبقى وسيلة لإرادة الدول على أن تتمتع ب الوساطة الدولية في حال قيام نزاع أو خصام، مما سهل من قيام الحرب العالمية الثانية بعد ان عاد للقوة ذلك الدور الأساسي في العلاقات الدولية.
بدأت العلاقات الدولية تتخذ مسار السلم والهدنة بعد قيام هيئة الأمم المتحدة لكن تطور الأحداث الدولية أدى إلى انقسام العالم الى قطبين أو معسكرين يميلان الى استعمال القوة لكن وجود الأسلحة الذرية والنووية لدى كلا القطبين أدى بالعلاقات الدولية إلى التوازن في ميزان القوى هذا ما يسمى بالحرب الباردة. فانتشر الوعي عند المجتمع الدولي بأن الحرب قد تجر العالم بأسره إلى الدمار سواء كنت طرفا مباشرا في النزاع أو لا.
بداية التطور:
وجد الإنسان نفسه داخل تكتلات بشرية وقبائل وجماعات حيث تحولت العلاقات السياسية بدورها إلى وحدات شكلت نواة الدولة التي اضطرت إلى الحفاظ على بقائها وتأمين حاجياتها وكذلك إلى التعامل مع غيرها من التكتلات البشرية الأخرى فأصبحت تشعر بضرورة الاعتماد على العلاقات السلمية قائمة على التفاوض وفض النزاعات عن طريق التحكيم.
شهدت أوروبا في عصر النهضة العديد من الحروب الدينية بين البروتستانت و الكاثوليك حيث بدأت تظهر فكرة التنظيم الدولي من أجل السلام الدائم وشهدت العلاقات الدولية في القرن 17 تطورات مهمة تتمثل في انعقاد مؤتمر وستفاليا 1648 م, وتعتبر هذه المعاهدة حلا للمشكلة الدينية القائمة في أوروبا ونتجت عن فكرة الدولة القومية وأسست نظام البعثات الدبلوماسية لكن السباق نحو التسلح و الزيادة في الحركة الاستعمارية أنتج حروبا ونزاعات التي اختتمت بالحربين العالميتين الأولى والثانية.
تحديد مفهوم العلاقات الدولية:
علم العلاقات الدولية:
لم يجد علم العلاقات الدولية مكان داخل العلوم الاجتماعية الا في الاونة الاخيرة حيث كانت الولايات المتحدة الامريكية طليعة الدول التي اعتمدت على هذا العلم بعد الحرب العالمية الأولى وقامت بتدريسه في جامعاتها والاهتمام به وذلك بعد توجهها نحو الاهتمام ب الشؤون الدولية و تحتم عليها معرفة كيفية التعامل مع الغير و دراسة الأسس التي تقوم عليها العلاقات الدولية ثم جاءت الدول الاوروبية بدراسة هذا العلم تحت اسماء مختلفة كالسياسة الخارجية أو المنظمات الدولية أو الشؤون الدولية.
تعريف العالقات الدولية:
إن العلاقات الدولية تحتمل مجموعة من التعاريف في نظر الباحثين والمهتمين بدراستها فهناك من يرى على أنها القوى الأساسية الأكثر تأثيرا في السياسة الخارجية أو انها مجموعة من الأنشطة المختلفة كالتبادل التجاري و المباريات الرياضية و الاتصالات الدولية لكن يمكننا أن نستنتج على أنها هي تلك العلاقات التي تتم عبر الحدود خارج نطاق الدولة الواحدة فهي تطال الدولة و المنظمات الدولية و الشركات و جماعات السياسية كالاحزاب…
العالقات الدولية و العلوم الاخرى.
مقدمة: تلتقي علوم العلاقات الدولة بباقي العلوم الأخرى التي تدرس وتتناول جانبا من هذه المسائل الدولية, فما هي نقاط التوافق والاختلاف بين العلاقات الدولية والعلوم الأخرى؟
العالقات الدولية و القانون الدولي العام:
إن القانون الدولي العام هو مجموعة من القواعد القانونية المنظمة للعلاقات بين الدول والمنظمات الدولية وكذلك الجماعات السياسية ويبين كذلك لكل واحد منهم ما له من حقوق وواجبات والتزامات ويرتبط بالمعرفة القانونية.
اذا فان الاختلاف بينه وبين العلاقات الدولية هو ان هذا الاخير يهتم بالتحليل الموضوعي للوقائع والأحداث في العلاقات الدولية بينما ينظر الثاني في تحليل الروابط القانونية، ونقطة التوافق بينهما تتمثل في العلاقات بين الدول.
العالقات الدولية والتاريخ الدبلوماسي:
إن العلاقات الدولية والتاريخ السياسي يشتركان في الاهتمام بالعلاقات بين الدول وإن العلاقات الدولية تعتمد كثيرا على التاريخ من أجل فهم أحداث الحاضر واستنتاج القواعد التي تتحكم في الظواهر الدولية.
إن التاريخ الدبلوماسي هو تسجيل جميع الأحداث ذات علاقة بالدول فيما بينها والتي جرت في الماضي بينما علم العلاقات الدولية هو الفهم الشامل للأحداث الواقع الدولي دون التركيز على حدث معين.
العالقات الدولية و علم السياسة:
إن علم السياسة و علم العلاقة الدولية يدرسان جانبين لواقع واحد والمتمثل في المجتمع السياسي.
فعلم السياسة يتناول المجتمع السياسي في ذاته من ظاهرة السلطة و الحكم في الدولة ويعتبره موضوعا أساسيا في دراسته, أما علم العلاقات الدولية فهو يدرس العلاقات بين المجتمعات السياسية المتعددة وكذلك دراسة السلطة في إطار المجتمع الدولي الذي يتكون من مجموعة من الدول وبهذا يصبح بمثابة فرع من علم السياسة.