اقرأ أيضًا

المدخل لدراسة العلوم السیاسیة.

علم السياسة

ما هو علم السياسة؟

مقدمة حول علم السياسة.

عصر السياسة:

بدأت السياسة منذ أن بدأ الانسان يفكر كيف يحمي نفسه ويسيطر على محيطه ويوسع سلطاته ويؤثر على الآخرين وينظم حياته, وهذه هي الأسئلة الكبيرة في السياسة وسوف يبقى الحديث عن السياسة مادامت هناك رغبة في العدالة وممارسة السلطة والنفوذ, ولا يمكن الاستغناء عن السياسة ولا يتوقع لها ان تختفي  لانها كانت حاضرة في كل العصور وأصبحت أكثر حضورا في  عصرنا هذا. 

عناصر السياسة:

للتعرف على السياسة يجب أولا التعرف على مكوناتها وعناصرها, والظاهر أن للسياسة عدة أشكال منها البسيطة والمعقدة ولها عدة صيغ القديمة، الحديثة، القانونية، السلوكية والفلسفية.

ان السياسة لا تأتي في صيغة أو شكل واحد  بل  يختلف النظر إليها من الإنسان العادي الذي يخشاها إلى الإنسان الذي يمارسها، كما تختلف من مجتمع إلى آخر ولا توجد سياسة واحدة صالحة لكل زمان ومكان وإن لكل عصر سياسته الخاصة به في تنظيم المؤسسات والأدوار السياسية.

إن للسياسة عدة عناصر تتمثل في القوة والنفوذ,  والسلطة, الدولة, الصراع, التعاون, القرار والسلوك وبالتالي فإنها تبدو مختلفة من عنصر إلى آخر.

هناك من يركز فقط على عنصر القوة والنفوذ كأهم عناصر السياسة وهذا التركيز يؤدي إلى تجاهل العناصر الأخرى التي هي بدورها مهمة لفهم السياسة كالسلطة والدولة. إن السلطة هي امتلاك الحق لوضع القوانين وأنه لا يمكن  فهم  السياسة بدون فهم السلطة التي تتجسد في الدولة والقوة مهمة أيضا كمدخل إلى علم السياسة.

مستقبل السياسة:

تظل السياسة ظاهره صعبة الفهم ولم ينكشف بعد أسرارها ولغزها، رغم المحاولات الكثيرة لاعطائها تعريفات فلسفية (أفلاطون)، وقانونية (توماس هوبز

)، وسلوكيه ( دافيد ايستون)، وكذلك التعريفات الواقعية (ميكافيلي).

فلا أحد يعلم إلى أي اتجاه تتخذه السياسة في المستقبل  في ظل العولمة والتقدم، رغم أن هناك محاولات فلسفية للعودة إلى اعتبارها ذلك العمل النبيل في مصلحة الكل و بعيد عن الأنانية لكن تظل محاولات ضيقة وضعيفة.

مختلف التعريفات لعلم السياسة.

التعريف الفلسفي للسياسة:

مما لا شك فيه ان السياسة بدأت مع الإنسان  في القدم, إلا أن الفلاسفة هم الذين بدأوا في إعطاء  السياسة تعريف موثوق. فان الفلسفة الإغريقية بينت أن السياسة هي العمل الصالح والنبيل الذي له علاقة بالجماعة ويعمل لصالح العام وبعيد كل البعد عن الاعتبارات الشخصية والمصالح الذاتية وأن السياسة تتطلب الانعتاق من الانانية فكلما ابتعد الإنسان عن المصلحة الشخصية كلما اقترب من جوهر السياسة بالمعنى الفلسفي. 

التعريف الواقعي للسياسة:

إن التعريف الواقعي للسياسة ظهر قبل 500 سنة مع ميكيافيلي الذي هو المؤسس لهذه المدرسة,  وتتمثل نظرته للسياسة أنها السعي من أجل الحصول على السلطة والبقاء في الحكم بأي وسيلة.

 ويمكن ان نلاحظ ان هذا التعريف الواقعي يرفض ما عرفت به الفلسفة السياسة حيث يزيل النظرة المثالية لها والقدسية والعدالة وبين التعريف الواقعي على أنها عبارة عن فن إدارة السلطة وممارستها والحفاظ عليها.

 إذا فلا وجود للسياسة بدون سلطة ولا سلطة بدون دولة ولا دولة بدون سلطة.

التعريف القانوني للسياسة:

إن السياسة في نظر هوبز (الذي يعتبر أبرز المؤسسين للمدرسة الواقعية) هي الدولة وهي كل نشاط له علاقة بعمل الدولة,  وأن التعريف القانوني لسياسة ظهر منذ ظهور مفهوم الدولة في عصر القوميات في أوروبا في القرن 16.

إن التعريف القانوني يرى أن السياسة هي الدولة وان الدولة تتسم بالقوة  والسلطة في أضخم صورها  والسيطرة في جميع أشكالها, وأن هذه العناصر لا تجتمع في أي ظاهرة سياسية أخرى إلا الدولة لأنها هي التي تصنع القرارات وهي التي تعمل لتنفيذها.

التعريف السلوكي للسياسة:

في هذا الجانب الآخر من التعريف  يرى أن السياسة تبدأ مع الانسان وتنتهي لديه وأنها تنبع منه وأنه هو محركها ومحورها لذا لا يمكن فهمها دون العودة الى الإنسان, إن السياسة يجب النظر إليها عبر الإنسان  وعدم حصرها في الدولة. إن التعريف السلوكي للسياسة هو تعريف المعاصر حيث بدأ بعد الحرب العالمية الثانية ويعتبر ديفيد ايستون مؤسس هذه المدرسة  الذي يرى أن السياسة سلوك إنساني من نوع ما وأن كل فرد في المجتمع يمارس السياسة.

 نلاحظ أن التعريف السلوكي للسياسة أتى مناقض  للتعريف الذي يحصر السياسة في الأطر القانونية والدستورية المؤسساتية للدولة.

علم و فن السياسة

علم و فن السياسة.

مقدمة:
باعتبار السياسة فن حيث يمكن للإنسان أن يتعلم من خلاله فنون الأخذ والعطاء المناورة والمساومة للحصول على ما يمكن الحصول عليه، والوصول إلى مبتغاه، ولكنها علم أكثر مما هي فن بالنسبة لعالم السياسة الذي يقوم بدراسة الظواهر السياسية والتحليل والبحث عن قوانينها وقواعدها الموضوعية، بعيدا عن الحماس والعاطفة والخطاب السياسي.

تتمثل الفروق الشاسعة بين السياسة كعلم والسياسة كفن، أنها تتعامل مع قوانين وقواعد وسلوكا منظما، وأن هذه الصورة تختلف عن كون السياسة فن يعكس الإحساس والأفعال.

علم السياسة:

إن تعريف علم السياسة ليس كتعريف السياسة لأنه يحاول فهم الظواهر السياسية, وهناك تيارين تناول موضوع علم السياسة وهما:

  • التيار الأول: وهو التيار التقليدي الذي يرى أن السياسة جزء من أجزاء العلوم الاجتماعية حيث يتناول بالدراسة وتحليل الظواهر والحقائق المتعلقة بالسلطة والقوة والحكومة والمؤسسات السياسية وكذلك مفهوم الدولة، فالدولة والسلطة هنا تشكل موضوعا حيويا لدراسة علم السياسة باعتبارها  المادة التحليلية الأولى.
  • التيار الثاني: وهو تيار المعاصر وعلمي الذي يرى أن السياسة فرع من العلوم التي يرمي إلى اكتشاف القوانين السياسية كما يعتبر شبيها بالعلوم الطبيعية، وأن النظر إلى علم السياسة هو النظر عن قوانينها الكونية الثابتة الشبيهة بقوانين الرياضيات والفيزياء.

يعود الفضل الرئيسي الى المدرسة السلوكية التي اكتسحت العلوم الإنسانية، في استقلالية وعلمية علم السياسة واثرت فيها بشكل كبير وحاسم. كما دعت إلى ضرورة تحرير هذا العلم من الدراسات الفلسفية والقانونية والاكتفاء بدراسة الحقائق السياسية والسلوكية بواسطة الملاحظة و التجرد والحياد العلمي، كما أن هذا المنظور السلوكي شكل ثورة منهجية وإضافة نوعية تتمثل في ابتعاد الدراسات السياسية المعاصرة عن الدراسات الوصفية والتقرب من الدراسات التحليلية.

علاقات علم السياسة:

كان علم السياسة، قبل عصر التنوير والنهضة في أوروبا، ذو علاقة وثيقة بالفلسفة  التي كانت هي أهم العلوم، ورغم محاولات ميكافيلي عن الفصل بينهما فقد انتهت العلاقة بين علم السياسة والفلسفة إثر دخول البشرية عصر الصناعة والحداثة والمعرفة.

قبل أن يأخذ علم السياسة استقلاليته ويجد ذاته، فقد مر بمجموعة من العلاقات الجانبية، وكانت أولى علاقاته بالقانون التي وصفت بـالاندماجية، ولم يجد علم السياسة في التاريخ ما يشبع احتياجاته ويغني مادته حيث تم استبدال التاريخ بالاقتصاد.

يعتبر الاقتصاد الجار الأقرب إلى علم السياسة حيث لا يمكن تخيل الاقتصاد بدونه ويصعب الحديث عن السياسة دون العودة إلى الاقتصاد لكن رغم أن هذه العلاقة ما زالت مستمرة إلا أنها لم تعد قوية كما كانت من قبل.

فكر وسلوك السياسة

فكر وسلوك السياسة.

مقدمة:
ينظر البعض الى الفكر السياسي كأنه تراث فلسفي لعلم السياسة الذي يتكون من نظريات و كتابات وتأملات و مؤلفات فلسفية قديمة لكنها لم تعد تتماشى مع  الوقائع السياسية المتجددة  في عصرنا الراهن.

وان الفكر السياسي هو الاصل والاساس لعلم السياسة وعلاقتها بالبعض كشجرة وبذورها حيث ان دور الفكر السياسي يتمثل فيه تثبيت علم السياسة وتمديده بالأفكار والمفاهيم والنظريات والتساؤلات الكبرى.

نماذج التعريف السياسي.

نموذج أفلاطون نموذجا:

يعتبر أفلاطون المؤسس للفكر السياسي الغربي، وقد بدأ عمله منذ فاجعة إعدام سقراط التي اعتبرها مأساة شخصية ومجتمعية لأنه كان تلميذه واقرب الناس اليه واكثر المعجبين  باخلاقه وصفاته وأفكاره الإصلاحية.

أخذ أفلاطون على عاتقه محاولة تربية القادة والزعماء فلاسفة المستقبل بتأسيس أكاديميته الخاصة ويقول في كتابه (الجمهورية الفاضلة) أن العلاج الأمثل لأزمة الفساد تكمن في العدالة والمجتمع العادل.

نموذج مكيافيللي نموذجا:

ولد ميكافيلي في إيطاليا سنة 1469 من أسرة ارستقراطية  وكان والده محاميا  ومتحمس للحكم الجمهوري ومعارض لحكم الاستبدال. حاول ميكافيلي في كتابه (مقالات في السياسة) ان يقدم مجموعة من النصائح العملية حول ممارسة السياسة وأجاز اللجوء الى العنف و القوة والحيلة لتحقيق الأهداف النبيلة وكذلك وضع الاعتبارات الاخلاقية جانبا في بعض الحالات حتى تنهض الأمة  تتأسس الدولة الموحدة.

نموذج ابن خلدون نموذجا:

يعتبر ابن خلدون موسوعة شملت التاريخ والسياسة والفلسفة والقانون والاقتصاد ويعتبر من رواد الفكر السياسي الإنساني ويحمل مكانة فريدة خاصة في التاريخ الفكر العربي والإسلامي.

تساءل ابن خلدون عن أسباب انهيار الحضارة العربية والإسلامية بعد ان وصلت الى العظمة والمجد والتوسع, حينها شعر ابن خلدون انه يعيش أزمة حضاريه كبرى وأن الأوضاع تحتضر، وفي ظل هذه الظروف يستنتج ابن خلدون أن جواب سؤاله يكمن في مفهوم العصبية  من جهة ومن جهة أخرى ثنائية الحضارة والبداوة حيث خلص إلى أن كل شيء يبدأ من الصحراء  ويعود اليها، وان مفهوم العصبية هو مصدر قوة البدو والمحرك لبناء العمران والدولة عكس الاستقرار في المدينة والانفتاح الذي يؤدي الى  تراخي مفهوم العصبية، مما يؤدي إلى الانحطاط  ومن ثم عودة العصبية التي تؤدي في آخر المطاف إلى بناء الحضارة من جديد.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-